📁 آخر الأخبار

آمنة ميرغني… حين يصبح الذكاء عبقرية، والنزاهة موقفًا، والوطن انتماءً

آمنة ميرغني… حين يصبح الذكاء عبقرية، والنزاهة موقفًا، والوطن انتماءً

في كل أمة تمرّ بها لحظات حرجة، تبرز شخصيات من ذهب، تصنع الفرق وتعيد الثقة في معنى الوطن والجدارة.
وفي السودان، تشرق اليوم نجمة من نجوم الاقتصاد والإدارة، اسمها آمنة ميرغني حسن التوم — امرأة سبقت زمنها، وكتبت سطرًا جديدًا في تاريخ الكفاءة والقيادة، لتصبح أول امرأة تُعيّن محافظًا لبنك السودان المركزي.

🎓 من قاعات جامعة الخرطوم إلى قيادة الاقتصاد

منذ أيامها الأولى في جامعة الخرطوم، كانت آمنة استثنائية في تفكيرها وحضورها. تخرّجت في كلية الاقتصاد – إدارة الأعمال عام 1986، حاملةً حلمًا كبيرًا بأن تكون ضمن من يصنعون الفرق في بنية الدولة السودانية.
ولأن الطموح لا يتوقف عند حدود الشهادة، واصلت دراستها حتى نالت ماجستير في المحاسبة والتمويل من جامعة الجزيرة عام 1997، إلى جانب العديد من الدورات والشهادات المهنية من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، جعلت منها مدرسة في العلم والانضباط والقيادة الهادئة.

💼 رحلة من العطاء والتميز داخل بنك السودان

بدأت مسيرتها في مركز البحوث والاستشارات الصناعية عام 1985، ثم التحقت بـ بنك السودان المركزي في العام 1986، حيث كتبت تاريخًا مهنيًا ناصعًا امتد لأكثر من ثلاثة عقود.
عملت في مختلف إدارات البنك، من النقد الأجنبي إلى الأسواق المالية، حتى تولّت منصب مدير عام إدارة الأسواق المالية — واحدة من أكثر الإدارات حساسية ودقة في البنك المركزي.
وفي كل موقع كانت فيه، كانت تبهر الجميع بحكمتها وهدوئها ودقتها في التفاصيل، وقدرتها النادرة على تحويل العمل الإداري إلى فنّ إنساني.

ثم تولّت لاحقًا منصب مدير عام مطابع العملة، لتُشرف على أهم مؤسسة سيادية في البلاد بثقة وكفاءة ونزاهة. ولم تتوقف هناك، بل مثّلت السودان خارجيًا، فعملت مساعد مدير عام بمصرف الساحل والصحراء ضمن منظومة دولية مرموقة، حملت فيها اسم السودان بكل فخر واقتدار.

⚖️ حين حاولوا كتم الضوء… فأضاءت أكثر

تعرضت السيدة آمنة في فترة من الفترات إلى ظلمٍ ممنهج من لجنة إزالة التمكين في عهد حكومة حمدوك، في حملة استهدفت كفاءات وطنية عظيمة.
لكنها لم تنكسر، ولم تفقد إيمانها بعدالة الله ولا بحب الوطن.
وقفت شامخة، مؤمنة بأن الزمن كفيل بإنصاف الشرفاء، وأن الحق لا يضيع ما دام صاحبه مخلصًا.
وقد صدقت رؤيتها — فقد أثبتت الأيام أن الذهب يبقى ذهبًا، مهما تراكم عليه الغبار، وأن النزاهة الحقيقية لا تحتاج إلى دفاع، بل يشهد لها التاريخ.

🌍 رمزٌ وطني وامرأة تُلهم الأجيال

آمنة ميرغني ليست مجرد خبيرة اقتصادية أو قيادية مصرفية، بل قصة وطنية خالدة.
هي الإنسانة التي تجمع بين التواضع والهيبة، بين الحزم والرحمة، بين الذكاء الفطري والعبقرية العملية.
من يعرفها عن قرب، يعرف أنها قلب كبير في جسد من إرادة — صادقة، طاهرة، نقية، تحب الخير للناس كما لو كانت أمًّا للوطن.
تمتلك قدرة خارقة على التواصل مع الآخرين، وفهم الناس دون تكلف، وإدارة الخلافات بعقل متوازن وروح عالية.

🌟 خاتمة… اسم سيبقى

إن آمنة ميرغني ليست فقط أول امرأة تتولى قيادة البنك المركزي، بل هي شهادة حيّة على أن السودان لا يزال ينجب العقول المضيئة والقلوب النزيهة.
هي عنوان لزمن نادر تكون فيه المرأة السودانية رمزًا للثقة والكفاءة والإبداع، ودرسٌ للأجيال القادمة أن التفوق لا يأتي صدفة، بل هو ثمرة إيمان وصبر وإخلاص.
ستبقى آمنة ميرغني علامة في تاريخ الاقتصاد السوداني، ووجهًا من وجوه الوطنية الصادقة، واسمًا يُقال دائمًا بابتسامة فخر.

د. يس أحمد الجراري
د. يس أحمد الجراري
تعليقات