زيورخ – عطاف محمد مختار
كشفت مصادر متطابقة عن لقاء مهم جمع رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بكبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس، يوم الإثنين، في مدينة زيورخ السويسرية، بوساطة قطرية، وذلك بناءً على طلب رسمي من الحكومة الأمريكية. اللقاء جرى وسط تكتم شديد من الجانبين، بينما أكد وزراء في حكومة الأمل ومصادر عسكرية سودانية عدم علمهم المسبق به.
وتشير بيانات تتبع الطيران التي حصلت عليها الصحيفة، إلى أن طائرة قطرية خاصة من طراز Airbus ACJ-319 (رقم التسجيل A7-MHH)، تابعة للخدمة الأميرية، وصلت مطار بورتسودان الدولي يوم الإثنين قادمة من زيورخ، ثم عادت مباشرة إلى سويسرا. وتُستخدم هذه الطائرة بانتظام في رحلات البرهان الخارجية.
أجندة المباحثات
وفق مصادر في واشنطن وبورتسودان، تناول الاجتماع جهود الولايات المتحدة لوقف الحرب في السودان، في إطار نهج جديد يختلف عن سياسات إدارة الرئيس الأمريكي السابقة، خاصة ما ارتبط بمواقف مساعدة وزيرة الخارجية السابقة للشؤون الأفريقية، مولي فيي، التي اتُهمت بتعقيد العلاقات بين الخرطوم وواشنطن.
البرهان أكد خلال اللقاء رفض الحكومة السودانية القاطع لوجود قوات الدعم السريع، معتبراً أنه لا مستقبل لها في البلاد، وداعياً إلى تفكيكها وتسريح عناصرها ومحاكمة قادتها، إضافةً إلى وقف جميع التدخلات الخارجية، خصوصاً من دولة الإمارات.
من جانبه، شدد مسعد بولس على حرص واشنطن على بناء علاقات مباشرة مع الخرطوم، ودعم التحول المدني الديمقراطي وفق مطالب ثورة ديسمبر 2018، مع استبعاد أي أطراف تواجه تهماً جنائية دولية. كما أكد رغبة الولايات المتحدة في استئناف التعاون مع السودان في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الإقليمي، خاصة في منطقة البحر الأحمر.
رسائل سياسية وإنسانية
مسعد بولس نشر لاحقاً عبر منصة "إكس" إدانة صريحة لمقتل مدنيين على يد ميليشيا الدعم السريع في مخيم أبو شوك بالفاشر، معبّراً عن "قلق بالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني"، وداعياً إلى فتح ممرات آمنة وإيصال المساعدات دون عوائق.
كما أوضح بولس أن اجتماعات "الرباعية" تهدف للتشاور حول وقف الحرب وليس فرض حلول خارجية، مؤكداً أن أي تسوية يجب أن تكون سودانية خالصة.
الدعم السريع خارج المشهد
المصادر أكدت أن قوات الدعم السريع لم تُدعَ لأي من الاجتماعات، سواء مع الوفد الأمريكي أو السوداني، في وقت تتصاعد فيه الضغوط داخل الكونغرس الأمريكي لتصنيفها منظمة إرهابية، مع بحث إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي إذا استمرت في رفض وقف القتال وحصار مدينة الفاشر.
سياق اللقاء
يُعتبر هذا الاجتماع الأعلى مستوى بين الخرطوم وواشنطن منذ اندلاع الحرب، ويأتي في ظل تراجع فاعلية الجهود الدولية لوقف الصراع المستمر، وتصاعد الأزمة الإنسانية، خصوصاً في إقليم دارفور وجنوب كردفان. ويرى مراقبون أن اللقاء قد يشكل نقطة تحول إذا ما تُرجم إلى خطوات عملية لوقف القتال وبدء عملية سياسية شاملة.