زيارة مفاجئة لكامل إدريس إلى نيويورك: هل تحمل مفاوضات مع الإمارات؟
أعلنت وكالة الأنباء السودانية الرسمية، بشكل غير متوقع، عن سفر رئيس الوزراء كامل إدريس إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية، حيث سيجتمع مع مسؤولين في الأمم المتحدة لمناقشة ملف الأزمة السودانية، مع التركيز على تعزيز التعاون والتشاور حول قضايا مشتركة مثل تداعيات الحرب، آفاق السلام، والجهود الإنسانية.
لكن تسريبات تشير إلى أبعاد أعمق، حيث يرافق إدريس أعضاء من مكتبه للمشاركة في مفاوضات مباشرة مع الإمارات برعاية أمريكية، في ظل اتهامات الحكومة السودانية لأبوظبي بدعم مليشيا الدعم السريع التي تواجه الجيش.
دور جبريل إبراهيم: إقناع مجلس السيادة بالحوار
وذكرت الصحفية سهير عبد الرحيم أن وزير المالية جبريل إبراهيم أقنع رئيس مجلس السيادة بإرسال إدريس للحوار مع الإماراتيين، بناءً على طلب أمريكي، مما يجعل الزيارة خطوة استراتيجية لتقريب وجهات النظر ودعم الرؤية الأمريكية لوقف النزاع.
تاريخ سابق: لقاء نيويورك السبتمبري وإحراج الوفد الإماراتي
ليست هذه المرة الأولى؛ في سبتمبر، عقدت نيويورك لقاءً بين وفدين سوداني وإماراتي انتهى بلا نتائج، بعد أن واجه السودانيون الإماراتيين بفيديوهات ووثائق تكشف تورط أبوظبي في الحرب، مما أدى إلى مغادرة الوفد الإماراتي محرجاً أمام الدلائل السودانية.
وأكدت المصادر أن إدريس يحمل تفويضاً كاملاً من القيادة، وسينضم إليه لاحقاً أعضاء البعثة السودانية في الأمم المتحدة، لجعل المفاوضات مكاشفة حول دور الإمارات في جرائم السودان، مع التركيز على أنها برعاية أمريكية لتسهيل الحلول السلمية.
تصريحات روبيو: ضغط أمريكي على الإمارات لإيقاف الدعم
وجاءت الزيارة بعد يوم من تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو، الذي دعا الجمعة إلى هدنة إنسانية في السودان، مشيراً إلى أن العام الجديد فرصة للدول في الشرق الأوسط، خاصة تلك المشتبه بتورطها، لإيقاف إمدادات السلاح، في إشارة واضحة إلى الإمارات.
تحليل الخبراء: من إيقاف الدعم إلى التعويضات
ويرى دكتور الفاضل محمد محجوب، أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، أن واشنطن تمتلك معلومات موثقة عن الدعم الإماراتي غير المحدود للدعم السريع، وتسعى لإنهاء النزاع دون خسارة أطراف، لكن السودان يحتاج أكثر من إيقاف الدعم؛ إنه يطالب باعتراف أبوظبي بالتورط وتعويضات مجزية، ورفع سقف المطالب ضروري في مثل هذه المفاوضات.
سرية الإعلان: تجنب الترويج لمبادرات غير مضمونة
وفسر الكاتب الصحفي محمود عثمان عدم الإعلان الرسمي عن الهدف الإماراتي بأن الزيارة مبادرة أمريكية قد تنجح أو تفشل، ولا ترغب الحكومة في الترويج لها مسبقاً لتجنب الظهور بحريص مفرط، خاصة مع لقاءات سابقة بين الجانبين لم تُثمر. الشعب السوداني لا يرى حرجاً في التفاوض المباشر مع "رأس التمرد"، طالما لم يغلق الباب حتى مع الدعم السريع نفسه، والحكم على النتائج فقط؛ وتوقع أن الحكومة لن تتنازل عن شروطها.
مصادر رسمية: تركيز أممي مع إمكانية إماراتية
وقللت مصادر مقربة من الحكومة من أهمية المفاوضات الإماراتية، لكنها لم تستبعدها، مؤكدة أن الزيارة أساساً للتشاور مع الأمم المتحدة حول الحرب والسلام والإنساني، وتأتي بعد دعوة روبيو لاستخدام النفوذ الدولي للإحلال السلمي.
ويرى مراقبون أن المفاوضات خطوة نحو الحل، لكن الإمارات تسعى لسودان غير مستقر للسيطرة عليه، وأن الحسم العسكري أفضل طريق للحكومة والشعب بدلاً من التفاوض.
